سورة المجادلة - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المجادلة)


        


{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا} قال ابن عباس: أبخلتم؟ والمعنى: أخفتم العيلة والفاقة إن قدمتم {بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا} ما أمرتم به {وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} تجاوز عنكم ولم يعاقبكم بترك الصدقة، وقيل الواو صلة مجازه: فإن لم تفعلوا تاب الله عليكم ونسخ الصدقة قال مقاتل بن حيان: كان ذلك عشر ليال ثم نسخ وقال الكلبي: ما كانت إلا ساعة من نهار.
{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} المفروضة {وَآتُوا الزَّكَاةَ} الواجبة {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} نزلت في المنافقين تولوا اليهود وناصحوهم ونقلوا أسرار المؤمنين إليهم. وأراد بقوله: {غضب الله عليهم} اليهود {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ} يعني المنافقين ليسوا من المؤمنين في الدين والولاء، ولا من اليهود والكافرين، كما قال: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} [النساء – 143] {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قال السدي ومقاتل: نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرفع حديثه إلى اليهود، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة من حجره إذ قال: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان، فدخل عبد الله بن نبتل وكان أزرق العينين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «علام تشتمني أنت وأصحابك»؟ فحلف بالله ما فعل وجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فأنزل الله عز وجل هذه الآيات، فقال: {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} أنهم كَذَبَة. {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُم سَاءَ مَا كَانُواْ يَعمَلُونَ}.


{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ} الكاذبة {جُنَّة} يستجنُّون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ} يوم القيامة {أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ} كاذبين ما كانوا مشركين {كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} في الدنيا {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} من أيمانهم الكاذبة {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} {اسْتَحْوَذ} غلب واستولى {عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأذَلِّينَ} الأسفلين. أي: هم في جملة من يلحقهم الذل في الدنيا والآخرة. {كَتَبَ اللَّهُ} قضى الله قضًاء ثابتًا {لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} نظيره قوله: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون} [الصافات 71 – 72] قال الزجاج: غلبة الرسل على نوعين: من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة.


قوله عز وجل: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} الآية. أخبر أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكافرين وأن من كان مؤمنًا لا يوالي من كفر، وإن كان من عشيرته.
قيل: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة وسيأتي في سورة الممتحنة إن شاء الله عز وجل.
وروى مقاتل بن حيان عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قال: {ولو كانوا آباءهم} يعني: أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد {أو أبناءهم} يعني أبا بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز وقال: يا رسول الله دعني أكن في الرحلة الأولى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: متعنا بنفسك يا أبا بكر {أو إخوانهم} يعني: مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد {أو عشيرتهم} يعني عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعليا وحمزة وعبيدة قتلوا يوم بدرعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة.
{أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ} أثبت التصديق في قلوبهم فهي موقنة مخلصة، وقيل: حكم لهم بالإيمان فذكر القلوب لأنها موضعه {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} قواهم بنصر منه. قال الحسن: سمى نصره إياهم روحا لأن أمرهم يحيا به. وقال السدي: يعني بالإيمان. وقال الربيع: يعني بالقرآن وحجته، كما قال: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} [الشورى- 52] وقيل برحمة منه. وقيل أمدهم بجبريل عليه السلام. {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4